يوميات دراجة نارية – ٩

بسام المهر

الزبيدات

الجمعة 30 سبتمبر 2016

قرية صغيرة في غور الاردن، تبعد 45 كم شمال مدينة اريحا، ويستوطنها حوالي 2000 شخص من قبيلة الزبيدات البدوية. هذه القبيلة البدوية التي تعود جذورها الى بئر السبع التي هجرتها بعد نكبة العام 1948 الى غور الاردن، حيث قامت الحكومة الاردنية بتوطينهم في هذه المنطقة قبل ان تحتلها اسرائيل في العام 1967.

zbeidatتبدو القرية هادئة نوعا ما في صباح يوم الجمعة. ندخل الشارع الرئيسي للبلدة ببطء، وبعد عدة عشرات من الامتار ننعطف يمينا الى شارع فرعي لاحظنا فيه تجمع للسكان. نظروا الينا من بعيد، هناك الكثير من الاطفال، الكثير منهم، نظروا الينا وبسرعة البرق، تجمعوا ليصبحوا عشرات وينقضوا علينا هاتفين ضاحكين فرحانين لوجودنا. نمشي بينهم وهم يصفقون ويضحكون ويغنون لنا وكأننا نبوخذ نصّر عائدين الى بابل بعد ان غزونا القدس.

يتجمع عشرات السكان ليحضّروا ساحة العرس، هذه الليلة سيتزوج احد ابناء القرية، ابن العشرين عاما، من احد بنات عمومته. على عربة التراكتور يقوم الشباب بتزيين جوانبها وبناء شكل من اشكال المسرح المتحرك، يرفعون صناديق مكبرات الصوت فوقها، فهناك سيقف المغني وفرقته المتواضعة، وهناك سيرقص العريس مع جميع شباب القرية، وهناك سيغنون له اغاني الدحية الجميلة…

بيري زمزم عليه       حارسٍ لا ينام

والركايب عليه         مثل رف الحمام

—-

يللي قطعتوا نصيبي     يجعل معزاكو للذيبي

—–

ما بين الجمعة والخميس     حلمتك يا محمد عريس

بردلا

الجمعة 30 سبتمبر 2016

لا يترك لك ابراهيم زعبي مجالا للحديث، ولا يهتم ابراهيم حتى لوجود دراجين غريبين يدخلون البلدة لاول مرة، فهو ايضا غريب عنها. يتحدث ويتحدث بصوت مرتفع وكأنه يلقي نشرة الاخبار. يتحدث عن مغامراته وذكرياته البطولية الجميلة مع الدراجات القوية فوق 1200 سم3، فهذه الدراجات التي امامه، صاحبة المحرك الصغير، لا تساوي شيئا، لا يمكنه حتى النظر اليها، هو فقط ركب الهارلي والتراينف والبي امي في. ابراهيم زعبي جاء من اكسال، الناصرة، ويعمل على شاحنة لنقل الخضار من بردلا الى الشمال. عاش ابراهيم في المانيا لفترة من الوقت، ولديه ذكريات جميلة وشقية مع الموتورات والشقراوات فيها. تقع بردلا في اقصى شمال شرق الضفة الغربية المحتلة، ويسكنها ٢٥٠٠ مواطن جميعهم من عائلة صوافطة من مدينة طوباس.

bardala_ibrahim-zoabi

دوار حزما – بجانب حاجز حزما العسكري

الجمعة 28 اكتوبر 2016

تملأ الغيوم السماء، تتربصنا بهطول المطر بعد اول ليلة ماطرة في هذا الموسم. الشوارع رطبة ومبللة قليلا، لا شي مقلق سوى الحذر من السير بسرعة او استعمال الفرامل على شارع مبتل. داخل دوار حزما، المدخل الشمالي-الشرقي للقدس، تنزلق سيارة وهي تلتف حول الدوار، هذا المكان كالصابون، زلق للغاية. بعد ثواني معدودات، يدخل الدوار دراج اسرائيلي بتأنٍ محاولا الابتعاد عن المركبة المنزلقة، ولكنه ينزلق ويسقط ارضا. لا شيء حرج، لم يسيطر على الدراجة بسبب الطريق. كنا نحن نقف امام الدوار لاعطاء حق الاولوية للمركبات داخله، وعندما انزلق الدراج، اسرعنا لمساعدته على الوقوف واكمال سيره. ترجلت عن دراجتي، وذهبت اليه ورفعت معه الدراجة، تصافحنا، شكرني، وتمنيت له يوما جميلا.

هناك رابط مشترك بين الدراجين يتعدى اللغة والطبقة والتفوق التكنولوجي والفكري، ويتعدى القوة، اونمط ركوب الدراجات، ويتعدى الاحتلال.

hezma

One thought on “يوميات دراجة نارية – ٩

Leave a comment